16‏/03‏/2023

اضطراب نقص الطبيعة‏

 


اضطراب نقص الطبيعة" عبارة تمت صياغتها لأول مرة عام 2005 من قبل المؤلف ريتشارد لوف، المؤسس المشارك والرئيس الفخري لشبكة الأطفال والطبيعة، في كتابه "الطفل الأخير في الغابة" (Last Child in the Woods)، وهي تعني أن البشر خصوصا الأطفال يقضون وقتا أقل في الهواء الطلق مما يؤدي إلى مجموعة واسعة من المشاكل السلوكية.

وأظهرت الأبحاث أن الأطفال يتحسنون جسديا وعاطفيا عندما يكونون في مساحات خضراء، ويستفيدون من المشاعر الإيجابية، والحد من التوتر، واستعادة الانتباه التي تولدها.

أسباب الانفصال عن الطبيعة

يقول لوف إن التغيرات الاجتماعية والتكنولوجية في العقود الثلاثة الماضية أدت إلى تسريع انفصال الإنسان عن العالم الطبيعي. من بين هذه الأسباب، انتشار الاتصالات الإلكترونية. وسوء التخطيط الحضري واختفاء المساحات المفتوحة، وزيادة حركة المرور في الشوارع، وتقلص أهمية العالم الطبيعي في التعليم العام والخاص، وخوف الوالدين على أبنائهم الذي يتضخم بفعل الأخبار ووسائل الإعلام.

أمضى ريتشارد لوف 10 سنوات في السفر حول الولايات المتحدة والتحدث إلى الآباء والأطفال، في كل من المناطق الريفية والحضرية، عن تجاربهم في الطبيعة. ولاحظ أن أهم الأسباب لاضطراب نقص الطبيعة هو ما يقوم به الوالدان "بتخويف الأطفال من الغابة والحقول".

يقول لوف إن الآباء يقومون بحماية الأطفال إلى درجة أن هذه الحماية تصبح مشكلة وتعطل قدرة الطفل على الاتصال بالطبيعة. يخاف الآباء بشكل متزايد من أي خطر غريب قد يواجهه الأطفال في الطبيعة، لذا يبقى الأطفال في الداخل وعلى الحاسوب بدلا من الاستكشاف في الهواء الطلق. ويعتقد لوف أن هذا قد يكون السبب الرئيسي في اضطراب نقص الطبيعة، حيث يتمتع الآباء بقدر كبير من السيطرة والتأثير في حياة أطفالهم.

ماذا تقول الدراسات عن الآثار السلبية؟

يقول لوف إنه منذ عام 2005، نما عدد الدراسات حول تأثير تجربة الطبيعة على الإنسان، وتشير مجموعة متزايدة من الأدلة العلمية إلى أن اضطراب نقص الطبيعة يسهم في تقليل استخدام الحواس، وصعوبات الانتباه، وزيادة السمنة، وارتفاع معدلات الأمراض العاطفية والجسدية.

تشير الأبحاث أيضا إلى أن نقص الطبيعة يضعف المعرفة البيئية والإشراف على العالم الطبيعي. وترتبط هذه المشاكل بشكل أوسع بما يسميه خبراء الرعاية الصحية "وباء الخمول"، وبتقليل قيمة اللعب المستقل.

يمكن أن يؤدي اضطراب نقص الطبيعة كذلك إلى تعرض الجيل الأول لخطر الإصابة بعمر أقصر من حياة آبائهم. كما يسهم عدم التعرض للضوء الساطع في الخارج في قصر النظر لدى الأطفال، بسبب نقص الإشارات الكيميائية الناجمة لمنع استطالة العين خلال مرحلة النمو.

إضافة إلى ذلك، فإن الأطفال الذين لا يحصلون على وقت طبيعي يبدو أنهم أكثر عرضة لمشاكل القلق والاكتئاب والعجز. ويقترح لوف أن الذهاب إلى الخارج والوجود في مكان هادئ يمكن أن يساعدا بشكل كبير في التخلص من معظم مشكلات الطفل.

كيف يمكن للوالدين مساعدة الأطفال في الاهتمام بالطبيعة عندما يعيشون في بيئات حضرية بعيدا عن الطبيعة؟

يقول لوف، إن أي مساحة خضراء ستوفر بعض الفوائد للصحة العقلية والجسدية، ففي المناطق الحضرية، يمكن العثور على بعض المناظر الطبيعية في حديقة، أو تأمل شجرة موجودة في ركن هادئ، أو عدة أوان بها خضروات تنمو بالخارج، أو حتى نافذة منزل جميلة تطل على السماء والغيوم.

يجب أن يكون الارتباط بالطبيعة حدثا يوميا، وإذا صممنا مدننا، بما في ذلك منازلنا وشققنا وأماكن العمل والمدارس، للعمل في انسجام مع الطبيعة والتنوع البيولوجي، فقد يصبح هذا نمطا مألوفا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق