فضاء الأستاذ

فضاء الأستاذ صفحة من الصفحات الإلكترونية لمدرسة الشريف الإدريسي بطنجة

01‏/11‏/2025

دليل المدرس(ة) بمؤسسات الريادة في اللغة العربية

 


دليل المدرس(ة) بمؤسسات الريادة في اللغة العربية، وهو وثيقة صادرة عن وزارة التربية الوطنية المغربية للموسم الدراسي 2025-2026. يقدم الدليل إطارًا تفصيليًا لمنهج اللغة العربية للمرحلة الابتدائية، مشددًا على مشروع "مدارس الريادة" الذي يهدف إلى تحسين التعلمات الأساسية عبر إعادة ترتيب المناهج. يتكون البرنامج من خمس مراحل تعليمية، تتمحور حول خمسة محاور كبرى تبدأ بـ "من نحن؟" وتنتهي بـ "كيف تعمل الطبيعة؟"، وتتضمن الوثيقة توزيعًا لهذه المحاور على المستويات الدراسية الستة. كما تحدد الوثيقة الكفايات الأساسية لمادة اللغة العربية وكيفية تطورها من المستوى الأول إلى السادس، شاملة مهارات الفهم الشفهي والكتابي، والطلاقة، وتوظيف الظواهر اللغوية.

لتحميل الدليل المرجو النقر على الصورة أسفله


ملخص دليل المدرس للغة العربية في مؤسسات الريادة

يقدم هذا الدليل إطاراً بيداغوجياً شاملاً لمدرسي اللغة العربية ضمن مشروع "مدارس الريادة" الذي أطلقته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة المغربية. يهدف الدليل إلى تحسين التعلمات الأساس في اللغة العربية للمرحلة الابتدائية من خلال نموذج بيداغوجي مُحكَم يرتكز على مبادئ التدريس الفعال والتعليم الصريح. يقوم هذا النموذج على إعادة ترصيف المنهاج الدراسي لعام 2021، مع التركيز على مبدأ التحكم في التعلمات بدلاً من مجرد تغطية البرامج، وتخفيف الحمولة المعرفية، والتدرج من البسيط إلى المركب.

يُنظَّم البرنامج السنوي في خمس مراحل دراسية، كل مرحلة تمتد لستة أسابيع وتتمحور حول سؤال كبير من خمسة أسئلة كبرى توجه التعلمات عبر المستويات الستة. ويحدد الدليل بدقة الكفايات الأساس المستهدفة وتطورها التدريجي من المستوى الأول إلى السادس، معززةً بمصفوفات مفصلة للمضامين والبنيات اللغوية لكل مستوى. بالإضافة إلى ذلك، يقدم الدليل إطاراً إجرائياً واضحاً للتدريس الصريح، ومجموعة من عشرين ممارسة مرجعية فضلى لتدبير الفصل الدراسي، وتنظيماً زمنياً دقيقاً للحصص، وعدة متكاملة من أدوات التتبع والتقويم لمساعدة المدرس على تحقيق الأهداف المنشودة بفعالية.

1. الإطار العام والمنطلقات البيداغوجية

يستند النموذج البيداغوجي المعتمد في مؤسسات الريادة على رؤية متكاملة تهدف إلى تحسين جودة التعلمات الأساسية، وذلك بالاستناد إلى أحدث التوجهات التربوية والدراسات الدولية.

مشروع "مدارس الريادة"

انطلق مشروع "مدارس الريادة" في الموسم الدراسي 2023-2024 بهدف توفير محتوى بيداغوجي متدرج ومنظم لتحسين المكتسبات في مواد اللغة العربية، الرياضيات، واللغة الفرنسية. يقوم التصور على:

  • إعادة ترصيف المنهاج الدراسي: بناء مسار تعلمي متدرج أفقياً وعمودياً لمنهاج السلك الابتدائي (نسخة يوليوز 2021).
  • الاستناد إلى معايير دولية: الاستفادة من نتائج دراسات مثل PIRLS (التقدم الدولي في القراءة) وTIMSS (الاتجاهات الدولية في دراسة الرياضيات والعلوم) والإطار المرجعي الأوروبي الموحد للغات (CEFR).
  • اعتماد التدريس الفعال: تطبيق المبادئ الحديثة للتدريس لتحقيق أفضل النتائج.

المبادئ الأساسية للنموذج البيداغوجي

يرتكز تنزيل هذا النموذج على مجموعة من المبادئ الموجهة:

  • التدرج من البسيط إلى المركب: تنظيم المنهاج عبر ترتيب الأفكار الرئيسية بشكل تصاعدي في التعقيد.
  • تخفيف الحمولة المعرفية: التركيز على أهداف واضحة وقابلة للتحقق في مدى زمني محدد.
  • إعطاء الأولوية لمبدأ التحكم: التركيز على إتقان المتعلمين للمهارات الأساسية بدلاً من السعي لتغطية شاملة للبرنامج الدراسي.
  • التوليف والمراجعة والدعم المنتظم: برمجة مراجعات يومية، أسبوعية، وفي نهاية كل مرحلة، ونهاية السنة لترسيخ المكتسبات.
  • المراقبة المستمرة والتتبع الفردي: إجراء تقويمات مرحلية لتتبع تقدم كل متعلم على حدة.
  • البساطة والوضوح: اعتماد تنظيم بصري بسيط وتعليمات واضحة ومهام محدودة.
  • مبدأ لولبية التعلمات: إعادة تناول المفاهيم بشكل دوري مع تعميقها وتوسيعها في كل مرة.
  • المقاربة التجريبية والتعديل المنتظم: اعتبار التجريب والتعديل المستمر مدخلاً أساسياً للإصلاح والتطوير.

2. هندسة المنهاج وتنظيمه

تمت هيكلة برنامج اللغة العربية بشكل دقيق لضمان التدرج والاستمرارية في بناء التعلمات على مدار السنة الدراسية وعبر المستويات.

الهيكل السنوي والمراحل الدراسية

ينتظم البرنامج السنوي للغة العربية في خمس مراحل، مدة كل مرحلة 6 أسابيع، وتتوزع كما يلي:

  • المجال الأول: أسبوعان لإرساء الموارد.
  • المجال الثاني: أسبوعان لإرساء الموارد.
  • أسبوع المراجعة والتوليف: أسبوع واحد.
  • أسبوع التقويم: أسبوع واحد للمعالجة والدعم.

المحاور الكبرى المؤطرة (الأسئلة الخمسة)

يتمحور البرنامج حول خمسة أسئلة كبرى تشكل محاور رئيسية، تتوسع وتتدرج عبر المستويات الدراسية لتناسب اهتمامات المتعلمين من محيطهم القريب إلى البعد الإنساني.

المحور

السؤال الكبير

الوصف

الأول

مَنْ نَحْنُ؟

استكشاف الذات الإنسانية، القيم، الصحة، العلاقات الإنسانية (العائلة، الأصدقاء)، المجتمعات، والثقافات.

الثاني

أَيْنَ نَحْنُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ؟

بحث في التاريخ الشخصي، الأوطان، الرحلات، الاكتشافات، والعلاقات بين الأفراد والحضارات.

الثالث

كَيْفَ نُعَبِّرُ عَنْ أَنْفُسِنا؟

اكتشاف عالم الإبداع الإنساني، الفنون، الآداب، وكيفية التعبير عن الذات والأفكار والمشاعر.

الرابع

كَيْفَ يَنْتَظِمُ الْعَالَمُ؟

استكشاف مهن المستقبل، أهمية الإخلاص والإتقان، ومهارات التواصل لبناء مستقبل مهني ناجح.

الخامس

كَيْفَ تَعْمَلُ الطَّبِيعَةُ؟

اكتشاف عالم الطبيعة، أسرار النباتات والحيوانات، أهمية الماء، وقضايا حماية البيئة والكائنات الحية.

يتم توزيع هذه المحاور على المراحل الخمس لكل مستوى دراسي، مع تكرار بعضها في المستويات الأولى لترسيخ المفاهيم الأساسية.

3. الكفايات الأساس وتطورها

يهدف برنامج اللغة العربية إلى تحقيق ست كفايات خاصة، تتطور بشكل تدريجي في درجة التعقيد والمتطلبات عبر مستويات السلك الابتدائي.

الكفايات الخاصة باللغة العربية

1. فهم وإنتاج مفردات مرتبطة بنصوص أدبية ومعلوماتية. (V)

2. إنتاج نصوص شفهية وفق أغراض تواصلية. (PO)

3. فهم نصوص مسموعة أدبية ومعلوماتية. (CO)

4. قراءة نصوص أدبية ومعلوماتية بطلاقة وفهمها. (LF/LC)

5. إنتاج نصوص كتابية وفق أغراض تواصلية. (PE)

6. توظيف الظواهر اللغوية المدروسة للفهم والإنتاج. (OL)

تطور الكفايات عبر المستويات

يُظهر الدليل مساراً واضحاً لتطور هذه الكفايات، حيث تنتقل المهارات من مستوى أساسي وبسيط في السنوات الأولى إلى مستويات أكثر تركيباً وتحليلاً في السنوات المتقدمة.

الكفاية

المستويات الدنيا (1-3)

المستويات العليا (4-6)

الإنتاج الشفهي (PO)

المشاركة في حوار، أخذ الكلمة للسرد والوصف انطلاقاً من مشاهد.

المشاركة في حوار أو مناظرة، إنتاج نصوص شفهية بغرض السرد، الوصف، التوجيه، الإخبار، والإقناع.

فهم المسموع (CO)

استرجاع معلومات صريحة واستنتاج معلومات ضمنية بسيطة، وإعادة إنتاج النص بأسلوب خاص.

استرجاع واستنتاج معلومات صريحة وضمنية متعددة، وإعادة إنتاج النص المسموع بأسلوب خاص مع استعمال كلمات مفاتيح.

الطلاقة (LF)

قراءة كلمات وفقرات بسيطة بدقة وسرعة، ثم قراءة نص مشكول كلياً مع احترام النبر والتنغيم.

الحفاظ على مستوى عالٍ من الطلاقة (قراءة نص مشكول كلياً بدقة وسرعة ونبر وتنغيم مناسبين) في نصوص أطول وأكثر تعقيداً.

فهم المقروء (LC)

استخراج معلومات صريحة (LC1) واستنتاج معلومات ضمنية مباشرة (LC2). في المستوى الثالث، تبدأ مهارة تفسير وتركيب الأفكار (LC3).

بالإضافة إلى LC1 وLC2 وLC3، يتم التركيز على تقييم وإبداء الرأي في عناصر ومضامين النصوص (LC4).

الإنتاج الكتابي (PE)

كتابة كلمات وجمل للتعليق على مشاهد، ثم التوسع لكتابة فقرات قصيرة (تلخيص، توسيع).

التعبير بكتابة نصوص توظف مهارات متنوعة (تعليق، تلخيص، توسيع، تقرير)، وإنتاج نصوص توظف أساليب مختلفة (سرد، وصف، إخبار، توجيه، تفسير، حجاج).

الظواهر اللغوية (OL)

التركيز على توظيف الظواهر لتركيب جمل بسيطة (OL2).

توظيف الظواهر لفهم نص وضبطه بالشكل التام (OL1)، بالإضافة إلى توظيفها في الإنتاج المرتبط بالصرف والتركيب والتحويل والإملاء (OL2).

4. منهجية التدريس والتقويم

يعتمد الدليل بشكل أساسي على التعليم الصريح كإطار إجرائي لتنفيذ الحصص الدراسية، معززاً بمجموعة من الممارسات الفضلى لضمان بيئة تعلم فعالة.

منهجية التعليم الصريح

تُهيكَل الدروس وفق خمس محطات رئيسية تضمن انتقالاً سلساً للمسؤولية من المدرس إلى المتعلم:

1. الافتتاح (L'ouverture): تهيئة المتعلم للتعلم الجديد وتنشيط المكتسبات القبلية.

2. النمذجة (Le modelage): يقدم المدرس المهارة الجديدة ويصرح بكيفية تفكيره أثناء إنجاز المهمة.

3. الممارسة الموجهة (pratique guidée): يمارس المتعلم المهارة تحت إشراف وتوجيه المدرس، مع الاستعانة بالدعامات.

4. الممارسة المستقلة (pratique autonome): ينجز المتعلم مهاماً مشابهة بشكل مستقل وبدون دعامات.

5. الاختتام (La clôture): إنهاء الدرس بعد التأكد من تحقيق نسبة نجاح تقارب 80% في القسم.

ويتم التأكيد على آليات حيوية مثل التحقق الدائم من الفهم وتقديم التغذية الراجعة الفورية والفعالة.

الممارسات المرجعية الفضلى

يقدم الدليل 20 ممارسة مرجعية منظمة في ستة مجالات لضمان جودة التدبير الصفي:

  • المجال 1: الإعداد المادي: تنظيم فضاء القسم، تجهيز الحوامل الرقمية، وتوزيع المتعلمين.
  • المجال 2: توظيف الحوامل الديدكتيكية: الإعداد الذهني للدرس، التوظيف الوفي للسيناريو البيداغوجي، والحفاظ على إيقاع مرتفع.
  • المجال 3: الإجراءات الاعتيادية وتدبير السلوك: إرساء بروتوكولات واضحة لاستخدام اللوازم، الألواح، والعمل الثنائي، وإرساء السلوك المنتظر.
  • المجال 4: النمذجة: تقديم نمذجة واضحة وموجزة، إعادة النمذجة عند الحاجة، واستخدام "دعامات التذكر".
  • المجال 5: الممارسة الموجهة: التحقق من الفهم باستخدام أسئلة مباشرة، الألواح، والكراسات، وتقديم تغذية راجعة فعالة.
  • المجال 6: الممارسة المستقلة: سحب الدعامات، تقديم الدعم الفارقي، وتتبع إنجاز الواجبات المنزلية.

آليات التقويم والتتبع

يتم بناء روائز التقويم وفق منهجية دقيقة تضمن قياس مستوى تحكم التلاميذ في الكفايات الأساسية. ويشمل النظام:

  • تقويم مستمر: في نهاية كل مرحلة دراسية.
  • تقويم تراكمي: يشمل تقويماً فردياً (الطلاقة والإنتاج الشفهي) وجماعياً (باقي الكفايات).
  • أدوات تتبع: استخدام "ملف الكفايات" و"شبكات تفريغ النتائج" و"سجل الطلاقة" لرصد التقدم بشكل دقيق ومنتظم.

5. التنظيم الزمني والموارد الداعمة

تم تخصيص حصيص زمني معزز للغة العربية في مؤسسات الريادة وتوفير عدة متكاملة لمساعدة المدرس.

التوزيع الزمني الأسبوعي

يستفيد تدريس اللغة العربية من حصيص زمني أسبوعي أكبر مقارنة بالمنهاج العادي، مما يسمح بتطبيق النموذج البيداغوجي بفعالية.

المستوى

المنهاج العادي (ساعات)

مؤسسات الريادة (ساعات)

الحصة اليومية (دقائق)

الأول

10

10

100

الثاني

9

9

90

الثالث

8

8.5

85

الرابع

6.5

7

70

الخامس

6

7

70

السادس

6

7

70

الموارد والأدوات المساعدة

يوفر الدليل مجموعة من الوثائق والأدوات العملية لتيسير عمل المدرس، وتشمل:

  • نموذج للمذكرة اليومية.
  • نموذج لخطاطة ذهنية للتخطيط اليومي.
  • سجل الطلاقة لتتبع تطور مهارة القراءة.
  • بطاقة التتبع والتقييم الذاتي خاصة بالأستاذ.
  • شبكات تفريغ نتائج المراقبة المستمرة لكل مستوى.
  • سجل لتتبع التلاميذ غير المتحكمين.

 

18‏/10‏/2025

الدليل الإرشادي لتطبيق التعليم الصريح في تدريس الرياضيات بالمرحلة الابتدائية


 

الدليل الإرشادي لتطبيق التعليم الصريح في تدريس الرياضيات بالمرحلة الابتدائية

مقدمة: نحو فهم أعمق للتعليم الصريح في الرياضيات

لمواجهة تحديات التلقين السطحي وضمان بناء فهم رياضي حقيقي، يقدم المنهاج المحدث نموذجًا بيداغوجيًا واضحًا: التعليم الصريح. يهدف هذا الدليل إلى تزويد مدرسي المرحلة الابتدائية بإطار عملي ومتكامل لتطبيق هذا النموذج، الذي يرتكز على تحقيق فهم عميق ومستمر لدى المتعلمين. يساهم التعليم الصريح في تحقيق هذا الهدف من خلال تنظيم منهجي للحصص الدراسية، وتحديد دقيق لأدوار كل من المدرس والمتعلم، واستخدام أدوات تقويم فعالة ومستمرة تضمن إتقان المفاهيم الأساسية وتوجيه الدعم عند الحاجة.

1. المبادئ الأساسية للتعليم الصريح وتأثيرها على منهاج الرياضيات

يشكل تبني مبادئ التعليم الصريح الأساس الاستراتيجي الذي بني عليه منهاج الرياضيات المحدث، وذلك لضمان إتقان المتعلمين للمفاهيم والمهارات الأساسية بشكل متدرج ومترابط. تؤثر هذه المبادئ بشكل مباشر على تصميم البرنامج الدراسي، وبنية الحصص، وأدوات التقويم المعتمدة.

تتمحور هذه المبادئ حول أربعة محاور أساسية:

  • التدرج من البسيط إلى المركب: يتم تصميم المناهج عبر تحديد الأفكار الرئيسة أولاً، ثم ترتيبها في مسار تصاعدي يبدأ من المفاهيم البسيطة وصولاً إلى الأكثر تعقيدًا، مما يضمن بناءً معرفيًا متينًا ومنطقيًا.
  • تخفيف الحمولة المعرفية: يتم التركيز في كل حصة على أهداف تعليمية واضحة ومحددة وقابلة للتحقق ضمن إطار زمني محدد، مما يساعد المتعلمين على استيعاب المفاهيم الجديدة دون إرهاق معرفي يعيق التعلم.
  • التحكم بدل التغطية: تُعطى الأولوية لإتقان المفاهيم الأساسية والتحكم فيها، مما يعني أن تخطيط الدرس يجب أن يركز على عمق النشاط الواحد بدلاً من تعدد الأنشطة، وضمان أن 80% على الأقل من التلاميذ قد أتقنوا المفهوم قبل الانتقال إلى مفهوم جديد.
  • التوليف والمراجعة والدعم: تُعتمد استراتيجية مراجعة متعددة المستويات لترسيخ الموارد التعليمية وضمان استمراريتها، وتشمل مراجعة يومية لمستلزمات الدرس الجديد، ومراجعة أسبوعية للموارد التي تم ترسيخها، ومراجعة في نهاية كل مرحلة دراسية (6 أسابيع).

هذه المبادئ الأربعة ليست مجرد أفكار نظرية، بل هي الخارطة التي توجه كل خطوة في بنية الحصة الدراسية، حيث يضمن التدرج وتخفيف الحمولة المعرفية أن يكون الانتقال من النمذجة إلى الاستقلالية سلسًا ومثمرًا.

2. هيكلة الحصة الدراسية في الرياضيات: من النمذجة إلى الاستقلالية

إن بنية الحصة الدراسية المصممة وفقًا للتعليم الصريح هي التطبيق العملي للمبادئ السابقة، حيث تنقل المتعلم تدريجيًا من الاعتماد على توجيه المعلم إلى الاستقلالية التامة في إنجاز المهام. تتكون الحصة من ثلاث مراحل رئيسية متكاملة.

2.1. المرحلة الأولى: النمذجة (ماذا يفعل الأستاذ؟)

في هذه المرحلة، يكون دور المدرس مركزيًا بينما يلتزم المتعلمون بالانتباه والتركيز. تبدأ المرحلة بالتصريح بالهدف بشكل واضح للمتعلمين، كأن يقول المدرس: "عند نهاية هذه الحصة، ستتمكنون من إنجاز كذا وكذا". بعد ذلك، يقوم المعلم بنمذجة المهمة المطلوبة بنفسه، موضحًا: "سأبين لكم كيف أنجز هذه المهمة".

أثناء النمذجة، يفكر المدرس بصوت عالٍ ليشرك المتعلمين في عملياته الذهنية، طارحًا أسئلة مثل:

  • "ما المراحل التي يجب أن أتبع؟"
  • "ما القواعد التي يجب أن أحترم؟"
  • "ما الأخطاء التي يجب أن أتجنب؟"

الهدف من هذه المرحلة هو تزويد المتعلمين بنموذج واضح وصريح لكيفية التفكير وحل المشكلة قبل أن يُطلب منهم القيام بذلك بأنفسهم.

2.2. المرحلة الثانية: الممارسة الموجهة (لنشتغل معًا)

هنا، يتحول التركيز إلى العمل المشترك تحت شعار "لنشتغل معًا"، حيث يعمل المدرس والمتعلمون على مهمة شبيهة بالمهمة التي تم عرضها في مرحلة النمذجة.

يتغير دور المدرس هنا ليصبح مُيسّرًا وموجهًا؛ حيث يقوم بـ:

  • طرح أسئلة بسيطة للتحقق من فهم المتعلمين.
  • تقديم المساعدة بتذكير المتعلمين بالقواعد والمراحل التي تم شرحها.
  • تقديم تغذية راجعة فورية لتصحيح الأخطاء وتعزيز الفهم.

في المقابل، يُطلب من المتعلمين الإجابة على الأسئلة والمشاركة الفعالة في التصحيح الجماعي، مما يضمن انتقالهم من دور المتلقي السلبي إلى المشارك النشط.

2.3. المرحلة الثالثة: الممارسة المستقلة (دوركم الآن)

تهدف هذه المرحلة النهائية إلى التحقق من قدرة المتعلمين على تطبيق ما تعلموه بشكل مستقل، حيث يوجههم المدرس بقوله: "لتقوموا بإنجاز مهمة شبيهة بما رأينا بمفردكم".

دور المدرس في هذه المرحلة هو المراقبة والدعم الفردي؛ حيث:

  • يتجول بين الصفوف لملاحظة أداء المتعلمين.
  • يقدم المساعدة الفردية للمتعلمين الذين يواجهون صعوبات.
  • يقدم تغذية راجعة فردية بناءً على إنجازاتهم.

تمتد الممارسة المستقلة لتصبح جزءًا من دورة التعلم المستمرة عبر أشكال متعددة:

  • تمارين منزلية لترسيخ المفهوم.
  • تمارين داخل القسم خلال حصص الدعم والمراجعة.
  • تمارين تذكيرية في بداية الحصة عند تقديم تعلمات جديدة تستدعي مكتسبات سابقة.

تطور دور المتعلم عبر مراحل الحصة

يوضح الجدول التالي كيف يتطور دور المتعلم من الاعتمادية إلى الاستقلالية، مع تحديد مستويات الدعم والتحكم المتوقعة في كل مرحلة.

المعيار

النمذجة

الممارسة الموجهة

الممارسة المستقلة

مستوى الإسناد/الدعم

موجه لكل التلاميذ

موجه لكل التلاميذ

موجه أساسًا للمتعثرين

درجة استقلالية المتعلم

لا توجد

منخفضة إلى متوسطة

عالية

مستوى التحكم المنتظر

أقل من 50%

على الأقل 70%

على الأقل 80%

يعتمد نجاح هذا النموذج الثلاثي على التقييم المستمر الذي يرافق كل مرحلة، مما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة وتوجيه الدعم بفعالية.

3. استراتيجيات التقويم والتتبع لضمان تحقق الأهداف

التقويم في إطار التعليم الصريح ليس مجرد اختبار نهائي، بل هو عملية مستمرة ومتكاملة مع التدريس، تهدف إلى التتبع الدقيق لمستوى تحكم المتعلمين في الكفايات وتوجيه الدعم بشكل فوري وفعال.

ينتظم التقويم وفق محطات رئيسية، ولكل محطة أدواتها الخاصة كما يوضح الجدول التالي:

محطة التقويم

أدوات التقويم المعتمدة

تنشيط المستلزمات

- أسئلة تحقق (اختيار من متعدد) - تمارين سريعة على الألواح - أنشطة تمهيدية على الكراسة

أثناء الممارسة الموجهة

أسئلة تفاعلية حول الاستراتيجية المنمذجة -  تمارين مكافئة للنشاط الرئيسي - أسئلة للتحقق من كيفية توظيف الاستراتيجية -  مجموعة تمرين نهاية الممارسة الموجهة للوقوف على استعداد المجموعة للمرور إلى الممارسة المستقلة

أثناء الممارسة المستقلة

ملاحظة مباشرة لأداء المتعلمينأنشطة التدرب على الكراسة

نهاية كل مرحلة (6 أسابيع)

رائز المراقبة المستمرة الخاص بالمرحلة

الإجراءات المتخذة في حال عدم تحقق الفهم:

يتم اتخاذ إجراءات تصحيحية فورية بناءً على نتائج التقويم في كل مرحلة:

  • بداية الممارسة الموجهة (أقل من 50% فهم): إذا لم يتحقق الفهم لدى أكثر من نصف المتعلمين، يجب على المدرس العمل على إعادة النمذجة.
  • نهاية الممارسة الموجهة (أقل من 70% فهم): إذا كان مستوى التحكم أقل من 70%، يجب تمديد مرحلة الممارسة الموجهة لضمان فهم أعمق.
  • نهاية الممارسة المستقلة (أقل من 80% فهم): إذا كان مستوى التحكم أقل من 80%، يجب أخذ الدرس بعين الاعتبار أثناء حصة الدعم الأسبوعية مع التركيز على المتعلمين المتعثرين.

3.1. مستجدات نظام التقويم: اعتماد سلم رباعي لمستويات التحكم

تم اعتماد سلم جديد لتقييم مستويات تحكم المتعلمين، يتكون من أربع درجات:

  • D: غير متحكم
  • C: متحكم جزئي
  • B: متحكم
  • A: متحكم جيد

هذا السلم ليس مجرد أداة لإصدار حكم قيمي، بل هو أداة تشخيصية تمكّن المدرس من تصميم تدخلات دقيقة ومختلفة؛ فالمتعلم في المستوى 'D' يحتاج لإعادة نمذجة، بينما المتعلم في المستوى 'C' قد يستفيد من ممارسة موجهة إضافية. يساعد هذا السلم على تحديد فئة المتعلمين الذين يعانون من تعثرات عميقة لتوجيه تدخلات الدعم بشكل أكثر فاعلية.

3.2. مستجدات نظام التقويم: ضمان نزاهة الروائز

لضمان مصداقية وموضوعية التقويم، تم تشديد التدابير المتعلقة بروائز المراقبة المستمرة، وتشمل:

  • اعتماد نفس إجراءات تقاسم الاختبارات الإشهادية لضمان سريتها.
  • تزويد النسخ بهويات مائية لتتبعها ومنع تسريبها.
  • بناء بنك روائز متكافئة وممعيرة لضمان تكافؤ الفرص بين المتعلمين.

تُطبق هذه الاستراتيجيات التقويمية ضمن إطار محتوى دراسي تم تحيينه ليعزز الفهم المتدرج والعميق.

4. نظرة عامة على مستجدات البرنامج الدراسي للرياضيات

تُطبق استراتيجيات التعليم الصريح على محتوى دراسي تم تحديثه وتنظيمه ليعزز بناء المفاهيم بشكل منطقي ومتدرج. ينتظم البرنامج الدراسي الجديد في أربعة مجالات رئيسية، مع إدخال تعديلات تهدف إلى تعميق الفهم وتعزيز الترابط بين المفاهيم.

4.1. مجال العد والحساب

  • إضافة درس خاص بـ الأعداد الترتيبية في المستوى الأول لترسيخ مفاهيم الترتيب والتسلسل.
  • إدراج المستقيم العددي كأداة أساسية لتمثيل مختلف أنواع الأعداد، مما يمنح المتعلمين تصورًا بصريًا للعلاقات بين الأعداد.
  • تقديم الأعداد المكونة من ستة أرقام بدءًا من المستوى الثالث لمواكبة تطور الفهم العددي.
  • تأخير التقنيات الاعتيادية للضرب (للمستوى الثالث) والقسمة (للمستوى الرابع)، وذلك لإعطاء الأولوية للفهم المفاهيمي للعملية قبل الإجرائي، وهو ما يمنع التلاميذ من تطبيق خوارزميات لا يفهمون أساسها المنطقي.
  • إدراج دروس حول أولوية العمليات والأقواس بدءًا من المستوى الخامس لبناء أسس التفكير الجبري السليم.

4.2. مجال الهندسة والقياس

  • دمج مجالي الهندسة والقياس في مجال واحد لتعزيز الترابط الوثيق بينهما، حيث أن المفاهيم الهندسية غالبًا ما تُبنى وتُفهم عبر القياس والعكس.
  • إدراج دروس خاصة بكيفية استخدام الأدوات الهندسية بدقة، لضمان امتلاك المتعلمين للمهارات العملية الأساسية.
  • تأخير دروس الإزاحة ورسم منصف الزاوية إلى المستوى الإعدادي لتخفيف الحمولة المعرفية والتركيز على المفاهيم الهندسية الأساسية في المرحلة الابتدائية.

4.3. مجال تنظيم ومعالجة البيانات

  • تعزيز قدرة المتعلمين على قراءة وتحليل البيانات عبر إدخال تمثيلات بصرية جديدة ومناسبة لمستواهم العمري.
  • إدراج المبيان الأيقوني (pictographe) في المستويات الدنيا لتبسيط عرض البيانات وجعلها أكثر جاذبية.
  • إدراج المبيان النقطي في المستوى السادس لتمثيل البيانات بشكل أكثر تفصيلاً ودقة.

4.4. مجال حل المسائل

  • تخصيص مجال مستقل لحل المسائل، مما يرفعها من مجرد تمرين تطبيقي إلى كفاية استراتيجية يتم تدريسها بشكل صريح وممنهج.
  • التركيز على تمكين المتعلمين من فهم واستخدام مختلف التمثيلات (الرسوم، الجداول، المخططات) كأدوات للتفكير وحل المسائل.
  • تشجيع المتعلمين على تطبيق الأدوات والمهارات المكتسبة في المجالات الأخرى، مما يرسخ فكرة أن الرياضيات وحدة متكاملة.

إن هذه التعديلات المنهجية، جنبًا إلى جنب مع تطبيق استراتيجيات التعليم الصريح، تساهم في خلق بيئة تعلم متكاملة وفعالة، تركز على الفهم العميق والإتقان المستدام.

خاتمة: تمكين المعلم لتحقيق تعلم مستدام

يقدم هذا الدليل إطارًا متكاملاً يوضح أهمية مبادئ التعليم الصريح، ويشرح الهيكل الثلاثي للحصة الدراسية (النمذجة، الممارسة الموجهة، والممارسة المستقلة)، ويبرز الدور المحوري للتقويم المستمر في تتبع تعلم التلاميذ وتوجيه الدعم. يهدف هذا الإطار المنهجي إلى تمكين المعلم من بناء فهم رياضي عميق ومستدام لدى المتعلمين، وتحويلهم من مجرد متلقين للمعلومات إلى مشاركين نشطين في بناء تعلماتهم، وقادرين على توظيف مهاراتهم لحل المشكلات بثقة وكفاءة.